الزمن تغيّر، والمرأة صارت في الغالب متعلّمة، ولها حضور قوي في الوظائف الرسمية والخاصة، وهي جهة مؤثرة في نهوض المجتمعات، والإسلام لم يمنع تعليمها، ولا وقف في وجه توظيف قدراتها، لكن ضمن معايير، وبشروط تحفظ لها حقوقها وتحميها من أهل الشر وسوء الظن.

بدأت من نحو مائة سنة أو أكثر بلادُ الغرب باستعمار دولنا العربية والإسلامية، وبتحريض من المستعمرين والملحدين ودعاة العلمانية، بدأت تنشأ حركات نسائية تطالب بما تسميه “الحرية الشخصية” بالمطلق تقليدًا أعمى للغرب، وكل ذلك لأجل إبعاد المرأة المسلمة عن قيمها وأخلاقها. وكان لهذه الدعوات الأثر الفعّال في الصعيد الاجتماعي، فتغيرت أساليب العيش وانقلبت الأمور رأسًا على عقب. وإذ بكثير من النساء اللواتي كن مُكرّمات في بيوتهن، بدأن يسعين لأخذ دور الرجل في المجتمع في مطلق الوظائف والمهمات والأوقات الليلية ونحو ذلك. ونتج عن ذلك تغيير كبير في وجه المجتمع الشرقي، فإذا بالمرأة التي كان دورها غالبًا الاهتمام بالأعمال المنزلية وعدم الخروج إلا لحاجة، والعمل في بعض الوظائف الأساسية كالتمريض والتوليد والتعليم وهلم جرًّا… صارت منافسة للرجال في سوق العمل. وهكذا اختلطت الأمور، وتبدلت الأدوار، ولم يعد دور المرأة مقتصرًا على الاعتناء بعائلتها وببيتها.

ولكن هذا “التحرر” كما يسميه البعض تسبّب بانشغال الأم مع الأب في سوق العمل، ما أدى إلى تنشئة جيل بعيد كل البعد عن أهله. وكان من جرّاء ذلك أن ابتعد أكثر أبناء مجتمعنا عن القيم والأخلاق والتقاليد. فصار الكثير منهم لا يلتفت إلى أبيه أو أمه، ما أدى إلى انتشار الفساد بين كثير من الشباب، لأنهم لم يجدوا من يلجأون إليه فلجأوا إلى طرق الشر والفساد، إلّا من رحم الله.

ومع ذلك لم تستطع المرأة أن تحل مكان الرجل في كل الأعمال، وأثبتت التجربة أن جسم الرجل أقوى من جسم المرأة، وكذا قدرته على التحمل واتخاذ القرارات تحت الضغط. لذلك نرى المرأة تبرز في أعمال معينة دون سواها، كالتعلم والتمريض ونحو ذلك مما لا يتطلب الكثير من الجهد الجسدي.

هذه هي الحقيقة الجليّة، أضف إلى ذلك أن خروج المرأة إلى سوق العمل قد يترتب عليها مضار لا يمكن لأحد إنكارها، مع تأكيد أنها نصف المجتمع، وأنها الجناح الآخر لسلامته، ولكن باعتدال ودراية وعناية ودراسة، حتى لا تضيع الموازين، وتختلط المعايير، وذلك ضمن الحشمة والأدب والأخلاق، والموازنة بتوزيع الأدوار البيتية بين الرجل والمرأة حتى لا يضيع الأولاد، ويكونوا خاضعين لتربية العاملات المنزليات، وما ينشره الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من غير غربلة وتوجيه، أو رفقاء السوء في الشوارع والمدارس.

والتحديات التي تواجهها المرأة في مجتمعنا اليوم كثيرة، ومنها:

1_ تحديات انحراف الأبناء.

2_ تحديات الأعراف الاجتماعية الفاسدة.

3_ تحديات الإعلام المنحرف.

4_ تحديات تغريب الثقافة الإسلامية.

5_ تحديات “الموضات” والأزياء.

وهذا سيكون موضوع مقالتنا المقبلة بالتفصيل بإذن الله.